منذ وقت ليس ببعيد، تلقيت رسالة من شركة تأمين صحي تتعلق بإحدى مرضاي التي تُعالج من مرض مزمن خطير للغاية. كان التأمين على استعداد لتغطية مكملات الزنجبيل للتخفيف من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي كالغثيان والقيء. أُرفق مع الرسالة دراسة بحثية تدعم هذه الادعاءات. أثار ذلك فضولي، وقررت معرفة المزيد عن الزنجبيل وفوائده الصحية. إليك ما اكتشفته.

ما هو الزنجبيل؟

الاسم العلمي للزنجبيل هو Zingiber officinale، في حين أن جذوره تُعرف باسم Rhyzomus zingiberus. نبات الزنجبيل هو نبات مزهر أصلاً من جنوب شرق آسيا، لكن جذوره السميكة استخدمت أيضاً في الممارسات الطبية التقليدية في الصين والهند وبولينيزيا وأفريقيا.

في مجالات طب الأيورفيدا والطب الصيني التقليدي (TCM)، يعتبر الزنجبيل جيداً لخصائصه. مكوناته النشطة هي الجنجرول والشوغول. يحتوي الزنجبيل الخام على أعلى تركيز لهذه الجزيئات، لكن الكثيرين يجدون أن الزنجبيل النيء غير مستساغ. نتيجة لذلك، تعتبر المكملات الغذائية والشاي العشبي من البدائل الشائعة.

الزنجبيل والغثيان والقيء

دُرس الزنجبيل على نطاق واسع لتأثيره على الغثيان والقيء، خاصةً بين مرضى السرطان. أظهرت دراسة قام بها الدكتور عبد العزيز وزملاؤه أن الزنجبيل يؤثر على نفس أجزاء الدماغ بتأثير الأدوية القوية المضادة للغثيان مثل الأودانسيترون (Zofran) وبالونوسيترون (Aloxi). في الدراسة، انخفضت أعراض الغثيان بنسبة 40 إلى 50 في المئة بمساعدة هذا النبات.

الزنجبيل والغثيان الصباحي

تتعرض نسبة تصل إلى 70٪ من النساء إلى الغثيان أثناء الحمل. وهو الأكثر شيوعاً خلال الأسابيع 12 الأولى، وأحيانًا يستمر لمدة تصل إلى 20 أسبوعاً. يفضل العلاج الطبيعي والآمن والفعال، لذا فالزنجبيل خيار شائع لعلاج هذه الحالة. أكد التحليل البعدي الذي أجراه الدكتور دينغ عام 2012 أنه لا يوجد دليل على تسمم الجنين في عينة حجمها 500 امرأة في خمس دراسات منفصلة عند تناول الزنجبيل بالجرعة الموصى بها، أي 1000-4000 ملغ يومياً.

وبالمثل، قيّمت دراسة أجريت عام 2014 في مجلة Nutrition Journal عدد 1,278 امرأة واكتشفت أن الزنجبيل يمكن أن يساعد بأمان في تقليل أعراض الغثيان والقيء الناتجة عن الغثيان الصباحي. أظهرت دراسة أجريت عام 2016 في Integrative Medicine Insights  أن الزنجبيل كان أكثر فعالية من الدواء الوهمي وفعال مثل فيتامين B6 في التخفيف من أعراض الغثيان الصباحي.

بناءً على هذه النتائج العلمية والتجارب الشخصية، تستخدم العديد من النساء الحوامل الزنجبيل إما كعلاج من الدرجة الأولى أو كعلاج بالتزامن مع وصفة طبية للغثيان الصباحي. يجب على المرأة دائماً استشارة الطبيب قبل تناول الأدوية العشبية أثناء الحمل.

الزنجبيل وفيروس المعدة والإسهال أثناء السفر

قد يكون الزنجبيل مفيداً عند علاج التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي، المعروف باسم "أنفلونزا المعدة". نشر أخصائي أمراض الجهاز الهضمي الإيطالي، الدكتور كاناني، مقالاً عام 2018 يوضح أن الزنجبيل المُعطى للأطفال المصابين بالأمراض قد قلل من حالات القيء بنسبة 20 في المئة وعدد أيام غياب المرضى الإجمالي في المدرسة بنسبة 28 في المئة. كما تُجري دراسات مماثلة في الولايات المتحدة.

أثناء السفر إلى بلدان معينة، يتعرض البعض لخطر الإصابة بالإسهال الجرثومي. المعروف أيضاً باسم إسهال المسافر، يحدث هذا المرض المعدي المعوي في جميع أنحاء العالم وينجم عنه النمو غير الطبيعي لجراثيم الإشريكية القولونية، مما يؤدي إلى الإسهال المتكرر والجفاف.

يرتبط التسمم الصادر عن هذه البكتيريا بالخلايا الموجودة في الأمعاء، مما يؤدي إلى حدوث الإسهال. أظهرت دراسة حديثة أجراها الدكتور تشن أن الزنجبيل يمكن أن يرتبط بالموقع المستهدف نفسه في الأمعاء ويمنع تأثير التوكسين البكتيري، مما يقلل من أعراض الإسهال. يعتقد الدكتور تشن أن الزنجبيل قد يكون بديلاً أفضل لعلاج أعراض إسهال المسافر من الأدوية الموصوفة.

الزنجبيل والأمراض الفموية

أحد الإنجازات الرئيسية في مجال العلوم الطبية هو إدراكنا أن صحة فمنا ترتبط بصحة جسمنا بأكمله - رعاية أسناننا، وكذلك اللثة، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الصحة العامة. في دراسة أجريت عام 2016 وُجد أن محلول عصير الزنجبيل وإكليل الجبل وزهور القطيفة قد يكون فعالاً كالقوة الطبية للكلورهيكسيدين في الحد من البكتيريا الفموية.

أظهرت دراسة أخرى قام بها الدكتور إسلامي وفريقه عام 2015 أن عصير الزنجبيل كان علاجاً فعالاً للعدوى الفموية المرتبطة بالخميرة. من المحتمل أن يكون هذا بسبب خصائص الزنجبيل الفطرية.  

ذكر الدكتور تيواري أيضاً في مراجعة أجريت عام 2016 أن الزنجبيل له خصائص نباتية مضادة للالتهابات، وخصائص مضادة للأكسدة قد تقلل أيضاً من خطر الإصابة بالتهاب اللثة وسرطانات الفم. لفوائده لصحة الفم، يدعم الدكتور تيواري بقوة الاستخدام المنتظم لغسول الفم الذي يحتوي على زنجبيل، والذي يمكن صنعه في المنزل عن طريق إضافة عصير الزنجبيل إلى كوب من الماء. يمكن أيضاً غسل الأسنان بالفرشاة ومعجون أسنان بالزنجبيل.

الزنجبيل والتهابات الجهاز التنفسي العلوي

في الطب التقليدي، يحظى الزنجبيل باحترام كبير كعلاج للالتهابات الفيروسية في الجهاز التنفسي العلوي. أظهرت دراسات متعددة أن الزنجبيل هو مثبط COX-2، والذي يجعله يودي دوراً مشابهاً للعقاقير المضادة للالتهاب غير الستيروئيدي (إيبوبروفين، نابروكسين، إندوميتاسين) لتقليل آلام العضلات والحمى.

بالإضافة إلى ذلك، فقد تبين أن الزنجبيل له "نشاط مضاد للكولين" على الجهاز التنفسي، مما يساعد على تقليل احتقان الصدر والسعال عند وجود العدوى. لذا، يعتبر الزنجبيل خياراً ممتازاً للمساعدة في علاج أعراض التهابات الجهاز التنفسي، بما في ذلك الصفير.

على الرغم من نجاح الزنجبيل في تقاليد الطب القديمة، إلا أنه لم يُدرس جيداً كمكمل مضاد للفيروسات، وما زال بحاجة إلى مزيد من الدراسات لتحليل خصائصه المضادة للفيروسات. ومع ذلك، بناءً على هذه الدراسات، يمكن تناول 2500 إلى 4000 ملجم من الزنجبيل يومياً.

الزنجبيل والتهاب المفاصل

أظهرت الدراسات أنه في أي وقت من الأوقات، يعاني واحد من كل ثلاثة بالغين تقريباً فوق سن 65 من التهاب المفاصل، وهذا الأمر مرتبط بتقدم العمر. لا يوجد علاج لالتهاب المفاصل العظمي، وبالطبع، فإن أفضل علاج هو الوقاية من المرض وتخفيف أعراضه.

وفقاً للدكتور باليجا، يعمل الزنجبيل على مسارات متعددة للالتهابات لتقليل التهاب المفاصل، مما يؤدي بدوره إلى إبطاء التهاب المفاصل وتقليل الأعراض المؤلمة أيضاً.

تماماً مثل العقاقير المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (الإيبوبروفين، والنابروكسين، والديكلوفيناك)، يعمل الزنجبيل كمثبط COX-2 لتقليل الالتهاب في المفاصل ويبدو أنه يساعد في منع تلف الغضاريف في المفاصل، وهو سبب التهاب المفاصل. الجرعة المقترحة: 2500 إلى 4000 ملغ يومياً.

الزنجبيل والسكري

مع ازدياد عدد السكان حول العالم، أصبح مرض السكري أكثر شيوعاً. واحد من كل ثلاثة أطفال يولدون اليوم معرضين لخطر الإصابة بمرض السكري إذا استمر الأمر كحالنا اليوم. على الرغم من أن الكثير من الناس لا يدركون ذلك، إلا أن مرض السكري يمكن أن يؤدي إلى مجموعة كبيرة من الأضرار التي تصيب الأعضاء الطرفية. المضاعفات الأكثر شيوعاً هي أمراض الأوعية الدموية والأمراض العصبية. ومع ذلك، هناك مضاعفات لمرض السكري في كل أعضاء الجسم. يُعتقد أن الآلية المسببة لمضاعفات مرض السكري هي ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مستمر.

أجرى الدكتور يى مينغ لى مراجعة للزنجبيل، تبين فيها أن الزنجبيل قد يكون قادراً على منع بعض مضاعفات السكري الشائعة. يقول الدكتور لي إن الزنجبيل يساعد في تعزيز السيطرة على نسبة السكر في الدم، كما هو موضح في الحيوانات. لوحظ أن الفئران التي أعطيت مكملات زنجبيل عالية الجرعة (800 ملغم/كلغ، وهي جرعة لا يوصى بها للبشر) انخفضت لديها مستويات السكر في الدم بنسبة 24 إلى 53 في المئة مقارنة بالفئران المصابة بالسكري. كما ظهر في هذه الدراسة أن الزنجبيل يعمل على حماية الكبد والكلى والأعصاب والعينين من مضاعفات مرض السكري مثل الكبد الدهني وأمراض الكلى والاعتلال العصبي وإعتام عدسة العين.

قد تكون عادات نمط الحياة مثل الصوم المتقطع والوجبات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات مفيدة أيضاً لمرضى السكري.

الزنجبيل والصحة العامة

ما نعرفه عن الزنجبيل وما الذي يمكنه فعله يتجاوز نطاق هذا المقال. توجد مئات من الدراسات والأوراق العلمية المشهورة حول الزنجبيل واستخداماته العديدة، وتُنشر اكتشافات جديدة حول الزنجبيل كل عام. كثيراً ما يؤخذ الزنجبيل كغذاء أو مكمل أو زيت أساسي - أو يُشرب كشاي عشبي. إنه يؤدي دوراً مهماً في الصحة العامة للملايين حول العالم.

المراجع

* شكر خاص لأوستن بودين، الحاصل على بكالوريوس العلوم، الذي ساعدني في إجراء البحوث لهذا المقال.

  1. Lee, Jiyeon, and Heeyoung Oh. “Ginger as an Antiemetic Modality for Chemotherapy-Induced Nausea and Vomiting: A Systematic Review and Meta-Analysis.” Oncology Nursing Forum, vol. 40, no. 2, 2013, pp. 163–170., doi:10.1188/13.onf.163-170.
  2. Mbaveng, A.t., and V. Kuete. “Zingiber Officinale.” Medicinal Spices and Vegetables from Africa, 2017, pp. 627–639., doi:10.1016/b978-0-12-809286-6.00030-3.
  3. Semwal, Ruchi Badoni, et al. “Gingerols and Shogaols: Important Nutraceutical Principles from Ginger.” Phytochemistry, vol. 117, 2015, pp. 554–568., doi:10.1016/j.phytochem.2015.07.012.
  4. T. Al Kury, Lina & Mahgoub, Mohamed & Christopher Howarth, Frank & Oz, Murat. (2018). Natural Negative Allosteric Modulators of 5-HT3 Receptors. Molecules. 23. 3186. 10.3390/molecules23123186
  5. Ding, Mingshuang, et al. “The Effectiveness and Safety of Ginger for Pregnancy-Induced Nausea and Vomiting: A Systematic Review.” Women and Birth, vol. 26, no. 1, 2013, doi:10.1016/j.wombi.2012.08.001.
  6. Viljoen, Estelle, et al. “A Systematic Review and Meta-Analysis of the Effect and Safety of Ginger in the Treatment of Pregnancy-Associated Nausea and Vomiting.” Nutrition Journal, vol. 13, no. 1, 2014, doi:10.1186/1475-2891-13-20.
  7. Lete, Iñaki and José Allué. “The Effectiveness of Ginger in the Prevention of Nausea and Vomiting during Pregnancy and Chemotherapy” Integrative medicine insights vol. 11 11-7. 31 Mar. 2016, doi:10.4137/IMI.S36273
  8. Berni Canani, R. Therapeutic efficacy of ginger on vomiting in children affected by acute gastroenteritis. Presented at the Annual Meeting of the European Society for Paediatric Gastroenterology, Hepatology and Nutrition. Geneva, Switzerland, 11 May 2018
  9. Chen, Jaw-Chyun et al Ginger and its bioactive component inhibit enterotoxigenic Escherichia coli heat-labile enterotoxin-induced diarrhea in mice. J Agric Food Chem. 2007 Oct 17; 55(21): 8390–8397
  10. Mahyari S, Mahyari B, Emami SA, Malaekeh-Nikouei B Jahanbakhsh SP, Sahebkar A, et al. Evaluation of the efficacy of a polyherbal mouthwash containing Zingiber officinale, Rosmarinus officinalis and Calendula officinalis extracts in patients with gingivitis: A randomized double-blind placebo-controlled trial. Complement Ther Clin Pract 2016;22:93-8.
  11. Eslami H, Pakroo S, Maleki TE. Is ginger (Zingiber officinale) mouthwash a convenient therapeutic for denture stomatitis? Adv Biosci Clin Med 2015;3:17-23
  12. Tiwari, Ritu. (2016). Pharmacotherapeutic Properties of Ginger and its use in Diseases of the Oral Cavity: A Narrative Review. Journal of Advanced Oral Research. 7. 1-6. 10.1177/2229411220160201
  13. Chrubasik, S., et al. “Zingiberis Rhizoma: A Comprehensive Review on the Ginger Effect and Efficacy Profiles.” Phytomedicine, vol. 12, no. 9, 2005, pp. 684–701., doi:10.1016/j.phymed.2004.07.009
  14. Rahmani, Arshad H et al. “Active ingredients of ginger as potential candidates in the prevention and treatment of diseases via modulation of biological activities” International journal of physiology, pathophysiology and pharmacology vol. 6,2 125-36. 12 Jul. 2014
  15. Townsend, Elizabeth A et al. “Effects of ginger and its constituents on airway smooth muscle relaxation and calcium regulation” American journal of respiratory cell and molecular biology vol. 48,2 (2013): 157-63
  16. Chang, Jung San et al, “Fresh ginger (Zingiber officinale) has antiviral activity against human respiratory syncytial virus in human respiratory tract cell lines.”J Ethnopharmacol. 2013 Jan 9; 145(1): 146–151.
  17. Baliga et al, Ginger (Zingiber officinale Roscoe) in the treatment and prevention of arthritis. Bioactive food and dietary interventions for arthritis and related inflammatory diseases chapter 41, 2013, ISBN: 978012813821
  18. Yiming Li, Van H. Tran, Colin C. Duke, and Basil D. Roufogalis, “Preventive and Protective Properties of Zingiber officinale (Ginger) in Diabetes Mellitus, Diabetic Complications, and Associated Lipid and Other Metabolic Disorders: A Brief Review,” Evidence-Based Complementary and Alternative Medicine, vol. 2012, Article ID 516870, 10 pages, 2012.